الخميس، 30 أبريل 2015

البيوت المدمرة .. ذكريات لا تنتهي

البيوت المدمرة .. ذكريات لا تنتهي
غزة/ سامح السرحي

" قوم يا امي ،، اتأخرت على الجامعة ، يلا شد حالك ،،، آآآخ يُـمّـا والله تعبت كل يوم وأنا بأروح مشي على الجامعة " هكذا يبدأ بلال مشواره الجامعي في صباح كل يوم بشعور من الألم والمعاناة نتيجة الهدم الكلي والقصف الذي أصاب منزلهم مباشرة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

وعلى زقزقة وأنغام العصفور الذي يمتلكه ويعتني به بلال، يستيقظ بنشاط وهمة بجانب هذا العصفور الجميل، الذي له الفضل الكبير في تجديد روح الأمل والتحدي لديه، ويأخذ بيد أمه ويقبلها كل صباح طالبا منها الدعوات بأن يرزقه الله التوفيق والنجاح.

ويذهب بلال إلى جامعته مشيا على الأقدام كغيره الكثير من الشباب الذين تهدمت بيوتهم وقصفت، حيث إن أغلبهم لا يمتلكون نقودا تكفيهم لتغطية رسوم الجامعة ومواصلاتها، فتأخر الإعمار وارتفاع تكاليف الآجار والآباء العاطلين عن العمل وشح رواتب الموظفين، دفع أهالي المتضررين إلى الاستدانة من أجل لقمة عيشهم ومكان سكنهم الساتر لهم.

لم يكن حال بلال مع أصدقائه مثل غيره، فتراه مبتسما ضحوكا يدفع بآلامه وأوجاعه ويرميها بعيدا تطبيقا لوصية أبيه وأمه بأن يصبر ويحتسب، فكما هدموا بيوتنا فسوف نعمرها ونبنيها بأيدينا من جديد رغم أنوف الاحتلال.

ويعيش حوالي (10604) عائلة من عائلات قطاع غزة الذين هدمت بيوتهم، ويقطنون في منازل أقاربهم أو في بيوت الآجار التي أصبحت شحيحة وبالكاد تجد هذه العائلات بيوتا تستأمن فيها بأبنائها وأطفالها.

في حين يقول بلال (19) عاما " أسكن في بيت صغير وضيق بالآجار، وبه غرفتين ، واحدة لأبي وأمي والثانية لأخي المتزوج، وصالونا صغيرا أنام به أنا وأختي التي تكبرني بثلاثة أعوام".

وأضاف " أبي عاطل عن العمل ونتيجة لارتفاع أسعار البيوت المستأجرة اضطر بنا الأمر إلى استئجار بيتٍ صغير"

ويمتلك بلال صديقا يداوي جروحه وآلامه، فهو ليس صديق عادي يعرفه فقط، فتراه دوما بجانبه يسئل عنه ويطمئنه ويزيد من عزيمته ويقول له إن كل البيوت التي هدمت سيتم بناؤها من جديد وبشكل أفضل.

من جانبه ينتظر الآلاف من المواطنين المهدمة بيوتهم أشهرا عديدة، ليتقاضوا على دفعات التعويضات المالية المستحقة لهم من دول العالم العربي والأوروبي التي وعدتهم بإعمار بيوتهم، وادخال المواد اللازمة لذلك.

وعلى أنقاض بيتهم المهدوم ينظر يُمنة ويُسرى على ما أصاب هذا البيت من الدمار، وفي عينيه الحزن الشديد الممزوج بعزيمة الأبطال، فيدرس بلال فوق الأنقاض بإصرار وعزيمة لا تلين ، ويقول " مهما أصاب الإنسان من صعوبات وشدائد، لا يعني ذلك أن نجلس مكتوفي الأيدي، ولكن سنخرج من رحم المعاناة ونقول للعالم سننتصر بإرادتنا ودراستنا وتفوقنا".

ومن حين لآخر يخرج أصحاب البيوت المهدمة بالمسيرات؛ وذلك تنديدا واستنكارا بتأخر الإعمار وازدياد الحصار الإسرائيلي، فلا أحد يسمعهم ويشعر بهم، حيث إن الاتفاق الذي عقد في مؤتمر القاهرة، تعهدت به دول مانحة كثيرة بإعمار ما تم هدمه إلا أنهم تخلفوا عن ذلك، مما سبب يئسا واحباطا كبيرين لدى المواطنين وأصبحوا في حيرةٍ من أمرهم.

وبنوع من الحنين والألم واسترجاع الذكريات يجلس بلال مع صديقه على ضفاف أمواج البحر، المتنفس الوحيد لمن ضاقت به الحياة، ويكتبون سويا على رمل الشاطئ بجملة تستحيل النسيان ويغردها كل فلسطيني "إنا باقون ".



هناك 4 تعليقات:

  1. استمر يا سامح
    رائع . .

    ردحذف
  2. موفق يخو ,, فكرة حلوة هي المدونة , ولقدام ممكن تضيف اعلانات عليها ..

    ردحذف