ناقش نخبة من الكتاب والمحللين والمفكرين والباحثين، بغزة اليوم الأربعاء مستقبل حل الدولتين في ظل إدارة ترامب والخيارات البديلة، وموقف القانون الدولي والإنساني من التوجهات الأمريكية ضد الدولة الفلسطينية.
ودعا الباحثون خلال ملتقى فكري عقد في معهد بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات بعنوان " مستقبل حل الدولتين في ظل إدارة ترامب والخيارات البديلة"، إلى دراسة موقف السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من هذه التوجهات، وتحليل موقف الرباعية الدولية، والأيديولوجية السياسية وموازين القوى الإسرائيلية، وخلاصة تجارب السلطة الفلسطينية.
وأكد هؤلاء خلال اللقاء على أهمية إنهاء الانقسام، وتوحيد الجهود الفلسطينية، والتي بدورها تحفظ الحقوق الفلسطينية من الضياع.
وقال وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية أنور البرعاوي إن وزارته "تحرص على تعميق العمل الجمعي في الكل الفلسطيني لأن قضيتنا الفلسطينية تحتاج وتستحق أن يعمل لها الجميع من خلال قوى متقاربة لتكون أكبر قوة وإثماراً".
وأكد البرعاوي أن "هذه النخب الموجودة ستثري في هذا المجال إثراءً مهماً، وحري بقيادتنا الفلسطينية أن تستمع إليهم وتأخذها بوعي وضمير وطني، حتى ينعكس على تفكير القيادة الفلسطينية لتخرج بموقف فلسطيني من أجل فلسطين".
وعدّ أن هذا الملتقى يبرز أهميته في هذا الوقت لأسباب عديدة ذكر منها "الانقسام الذي يعد بوابة لكل تدهور للقضية الفلسطينية، والذي انعكس سلباً على القضية الفلسطينية".
ويأمل البرعاوي أن يكون هذا اللقاء رسالة لكل المُكوِّن الفلسطيني، حيث آن الأوان للعودة لبيت فلسطيني يهم الجميع، يعيد للقضية هيبتها ومكانتها، خاصة وأن المتحدثين في خصوصيات القضية الفلسطينية بكل أسف، يريدون أن يرسموا فلسطين المستقبل بعيداً حتى عن الفلسطينيين.
من جهته تحدث الأستاذ والمفكر أحمد يوسف عن موقف الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة ترامب من حل الدولتين وخاصة مع التصريحات الواضحة تجاه هذا الموقف والتي أصبحت وراء ظهرها، متسائلاً في الوقت ذاته "هل سيتم التعاطي مع هذا الموقف من الرئيس الأمريكي بشكل واقعي، وما هي الرؤية الأمريكية الجديدة في المنطقة".
وأوضح يوسف أن "الساحة الفلسطينية من أكثر الساحات انشغالاً في موقف ترامب تجاه القضية الفلسطينية، وحتى اللحظة هذا الموقف غير واضح بالكلية.
واستعرض المسؤول الفلسطيني قول الكاتب الأمريكي جراند فولر (من أعلام الفكر السياسي الأمريكي)، الذي أشار فيه أن ترامب غير متشبث بقضية حل الدولتين، والذي تراهن عليه السلطة الفلسطينية والأوربيون منذ عشرين سنة، حيث أُسِسَت السلطة الفلسطينية على أساس إمكانية تطويرها لتكون هي الحاضنة للقضية الفلسطينية، برغم رعاية أمريكا لاتفاقية أوسلو ورعايتها لكل المنطقة العربية على مدار السنين السابقة.
وأشار إلى أن المعطيات الزمنية التي يعيشها الفلسطينيون تحمل فيها من الخطورة، خاصة وأن "إسرائيل" تعمل على موضوع التوسع الاستيطاني وإمكانية ضم المناطق التي يوجد بها مستوطنات لإسرائيل، مشدداً: نحن كفلسطينيين وكخيار ربما هذا الخيار أفضل لنا من حل الدولتين، لأن حل الدولتين سيجبرنا عاجلا أم آجلا للتخلي عن أكثر من 78% من الأراضي الفلسطينية لليهود.
وأكد يوسف أن "خلافنا مع الحركة الصهيونية التي تحاول فرض الدولة اليهودية وطرد الفلسطينيين والتوسع في أراضيهم، ولا يمكننا أن نستوعب الآخرين من الأقليات الدينية التي تواجدت على فلسطين على مر التاريخ".
وفي نفس السياق تحدث الدكتور صلاح عبد العاطي عن موقف القانون الدولي الإنساني من التوجهات السياسية للخارجية الأمريكية ضد الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت إلى جوار العدو الصهيوني باستمرار، وخرقت كل قرارات الشرعية الدولية، وهي أكثر خرقاً للقانون الدولي الإنساني في دول العالم ككل، وتُغلب نظرية شريعة الغاب على القانون الدولي والإنساني.
وأوضح عبد العاطي أن "الولايات المتحدة الأمريكية وقفت إلى جوار دولة الاحتلال أكثر من 42 مرة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي وبالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت راعية للسلام إلا أنها حاولت على مر التاريخ أن تُحيِّد القانون الدولي والإنساني حتى في اتفاق أوسلو، وضغطت بجانب الاحتلال إلى تحييد أبعاد القانون الدولي والإنساني".
وأكد على أن الشعب الفلسطيني لديه أربعة سيناريوهات لمواجهة حل الدولتين تتمثل في: استئناف المفاوضات من خلال الضغط على الرئيس عباس أو السلطة الوطنية الفلسطينية، أو القبول بإطلاق عملية سياسية إقليمية، أو بقاء الوضع على حاله، أو محاولة فرض أحادي الجانب في ظل معادلة ضم الاستيطان.
وبين أن ذلك يتم من خلال المواجهة القانونية ودراسة كل هذه التغيرات والتصدي لها، واللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية وطرح هذه القضايا واستخدام الآليات التعاقدية وغير التعاقدية، والأهم من ذلك كله استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال بناء استراتيجية وطنية تقوم على إنهاء التنسيق الأمني والتحلل تدريجيا من التزامات اتفاقية أوسلو والانطلاق بالتمسك في القواعد الشرعية الدولية والتمسك بقواعد القانون الدولي والإنساني.
وتساءل الباحث توفيق أبو شومر عن كيفية تعاطي إدارة نتنياهو ليبرمان بالتوجهات الأمريكية الجديدة، مشيراً إلى أن خطاب نتنياهو عام 2009 كان بداية لإنهاء حل الدولتين، حيث وضع شرطاً رئيسياً، وهو اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة.
وأوضح أبو شومر أن توصيات الباحثين والمفكرين في "إسرائيل" تؤخذ كتوصيات إلى سدة الحكم، مؤكداً أن يجب على الفلسطيني أن يبلور الحل الذي يمكن وضعه على مائدة العالم كشعار رئيسي حتى يكون شيئا مقبولاً في كل دول العالم.
من جهته تحدث الدكتور ناجي الظاظا حول خيارات وبدائل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في التعامل مع حل الدولتين في ظل إدارة ترامب، موضحاً أن موقف السلطة وفتح ومنظمة التحرير متداخل ولا فرق بينها.
وبين الظاظا أن كل جولات المفاوضات لأكثر من عقدين، كانت تتحدث عن وجود كيان يمثل ربما وجود دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة أو منقوصة السيادة، موضحاً أن الرد جاء مباشراً من مسؤول ملف المفاوضات صائب عريقات، بحل الدولة الواحدة الديمقراطية بجميع مواطنيها يهوداً ومسيحيين وفلسطينيين.
وأوضح أن السلطة الفلسطينية كمشروع لا تتعارض مع فكرة تبادل الأراضي، مشيراً إلى أن حديث عباس والسلطة عن مشروع وطني موحد لا يمكن أن يتجاوز حالة الانقسام، ولا يمكن أن يتم بدون وفاق فلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق